أخيرا.. باخرة النفايات تغادر ميناء سوسة نحو إيطاليا
غادرت الباخرة التابعة للناقل البحري ARKAS الميناء التجاري بسوسة منذ قليل بعد أن تم الإنتهاء من عملية شحن حاويات الفضلات لإعادة تصديرها الى إيطاليا.
وقد تم شحن 213 حاوية قمامة منزلية قامت شركة تونسية منتصبة في ولاية سوسة بتوريدها من إيطاليا في ماي 2020 و ظلت قابعة بالميناء التجاري منذ ذلك التاريخ بعد التفطن الى إحتواء البضاعة على مواد محظورة .
بداية القصة
هزت فضيحة النفايات الإيطالية الرأي العام في تونس، بعد الكشف عن تولي شركة تونسية مصدرة كليا توريد 282 حاوية فضلات منزلية على دفعتين ،عبر الميناء التجاري بسوسة.
لعل تدوينة الصحفي المستقل حمدي بن صالح على صفحته بالفيسبوك حول الكشف عن بعض تفاصيل الصفقة المشبوهة المبرمة بين الشركة التونسية "سوريبلاست" مع الشركة الايطالية "اس ار أ" والتي تقضي باستيراد 120 ألف طن من النفايات سنويا مثلت منطلقا لإهتمام الصحافة المحلية بالملف الذي كان أيضا محل متابعة للصحافة الأجنبية نظرا للجدل الكبير الذي حام حوله وتصاعد الإتهامات حينها بضلوع أطراف نافذة في الدولة.
ويعود ملف الحال إلى شهر جويلية 2020 حيث قامت شركة تونسية منتصبة في ولاية سوسة بإدخال 70 حاوية فضلات إلى الميناء التجاري بسوسة مايقارب 2000 طن وتخزينها في مقر الشركة بمنطقة الموردين بمعتمدية مساكن إلا أنه تبين لاحقا أن الحاويات الموردة تتضمن قمامة منزلية محظورة.
وقد تم تسريح البضاعة من طرف مصالح الديوانة بميناء سوسة في بادئ الأمر وتبين لاحقا خلال المعاينة الميدانية بمقر الشركة وجود اختلاف بين المصرح به والشحنة الموردة وطالبوا اثر ذلك صاحب الشركة بإعادة تصدير هذه البضائع باعتبارها تتضمن مواد خطيرة وسامة.
تأخر إعادة النفايات إلى إيطاليا
ساهمت عملية التظلم التي تقدم بها وكيل الشركة في تأخير عملية إعادة الحاويات الى البلد المصدر.
وبمجرد بث برنامج الحقائق الأربع لتحقيق إستقصائى كشف ملابسات توريد الشركة المتورطة لفضلات منزلية تم جلبها من مقاطعة كامبانيا الإيطالية تفاعلت وزارة البيئة والشؤون المحلية مع مضمون الحلقة وقررت فتح تحقيق في الغرض.
وبتاريخ 6 نوفمبر 2020 اذنت النيابة العمومية بمحكمة سوسة 1 لأحد الفرق المركزية للحرس الوطني بالعوينة بالتعهد بالموضوع واجراء الأبحاث والتساخير اللازمة و تم مساء يوم 20 نوفمبر إيقاف وزير البيئة والشؤون المحلية مصطفى العروي على خلفية ملف النفايات المستوردة من إيطاليا بعد أن تم إقالته من منصبه من طرف رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي.
النفايات أطاحت بكبار المسؤولين.. سجن وتهم وإيقافات
فضيحة النفايات الايطالية أطاحت بكبار المسؤولين في الدولة التونسية حيث أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية سوسة 1 يوم 21 نوفمبر 2020 ثماني بطاقات إيداع بالسجن شملت كلا من وزير الشؤون المحلية والبيئة المقال، ومدير عام سابق بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وموظف في الإدارة الجهوية للبيئة بسوسة، ومديرين اثنين بوكالة التصرف في النفايات و3 مديرين بالوكالة الوطنية لحماية المحيط.
في حين تم الإبقاء على 4 من المحتفظ بهم في حالة سراح، وهم مدير ديوان وزير الشؤون المحلية والبيئة وعميدان في الديوانة التونسية ووسيط قمرقي.
ووجه قاضي التحقيق تهمة التدليس ومسك واستعمال مدلس في حق متهمين، كما وجه تهمة التوريد الممنوع لنفايات خطيرة في حق أحد المتهمين، وتم توجيه تهمة المشاركة السلبية ضد 5 متهمين.
يجدر التذكير أن النيابة العمومية بسوسة قد احتفظت بـ12 شخصا على ذمّة التحقيق في قضية النفايات المستوردة من إيطاليا، كما تم تقديم 10 أشخاص للنيابة و واصدار بطاقة جلب دولية ووطنية في شأن صاحب المؤسسة .
وقرر قاضي التحقيق المتعهد بقضية توريد النفايات الايطالية عبر الميناء التجاري بسوسة يوم 4 جوان 2021 ختم البحث بعد سماع 26 متهما من بينهم 6 في حالة إيقاف و توجيه الملف إلى دائرة الإتهام بمحكمة الإستئناف بسوسة التي
ايدت قرار ختم البحث الذي أصدره قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة 1 وابقت على التهم الموجهة لـ21 شخص ورفضت مطالب الافراج ومددت بطاقات إيداع بالسجن في حق 6 متهمين من بينهم وزير البيئة والشؤون المحلية المقال.
وكانت محكمة التعقيب قد قضت بتاريخ 24 ديسمبر 2021 بالنقض والإحالة بخصوص قرار دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بسوسة القاضي بإحالة المتهمين في قضية النفايات الايطالية على أنظار الدائرة الجنائية من أجل تهم تعلقت باستخلاص موظف عمومي أو شبهه لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها سواء لنفسه أو لغيره والتوريد الممنوع لبضاعة محجرة وتكوين وفاق بغاية الاعتداء على الأشخاص والأملاك.
أخيرا.. النفايات تغادر تونس
في بداية جانفي 2022, توصلت تونس وإيطاليا لإتفاق لاسترجاع نحو 212 حاوية نفايات إيطالية مورّدة من تونس وقبعت لنحو سنتين بميناء سوسة.
وكان مصير نحو 2000 طنا من النفايات التي تم تخزينها في مستودع بمنطقة الموردين بمساكن الحرق اثر نشوب حريق هائل ما تزال أسبابه مجهولة
وتم يوم الجمعة 11 فيفري 2022 ابرام اتفاق تعاون مؤسساتي بين الجانبين التونسي والايطالي يقضي بإرجاع النفايات الايطالية إلى مصدرها، بعد أن تم توريدها إلى تونس بطريقة غير قانونية.
وأوضحت وزيرة البيئة، ليلى الشيخاوي، في تصريح لموزاييك، أمس لدى إشرافها بمعية وزير النقل على الانطلاق في عملية شحن الحاويات أنه سيتم ، في مرحلة أولى، إرجاع 213 حاوية، وسيتمّ النظر في باقي النفايات الموجودة في المستودع الذي جدّ فيه الحريق، بداية من يوم الغد، مشيرة إلى أنّ ذلك قد يستغرق مدّة زمنية طويلة.
ووصفت الوزيرة في هذا السياق، عملية إرجاع نفايات ماكثة بالميناء منذ نحو السنتين بـ "التاريخية"، متوجهة بالشكر لكلّ من المجتمع المدني والمؤسسات العامة والخاصّة ولرئيس الجمهورية.
وقالت الشيخاوي إنّ عملية إرجاع النفايات المورّدة إلى مصدرها تاريخية لا سيما وأنّه حدث غير مسبوق في العالم، أن يتمّ إعادة تصدير بضاعة مورّدة، على حدّ علمها.
وتابعت الوزيرة القول بأنّه انطلاقا من أمس سيتم الشروع في المرحلة الثانية، وهي المطالبة بالتعويضات اللازمة وبكلفة ما تحملته الدولة التونسية.
إيناس الهمامي